سورة المائدة - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إِن الله هو المسيح ابن مريم} قال ابن عباس: هؤلاء نصارى أهل نجران، وذلك أنهم اتخذوه إِلهاً {قُل فمن يملك من الله شيئاً} أي: فمن يقدر أن يدفع من عذابه شيئاً {إِن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم} أي: فلو كان إِلهاً كما تزعمون لقَدَرَ أن يردّ أمرَ اللهِ إِذا جاءه بإهلاكه أو إِهلاك أمّه، ولما نزل أمر الله بأمّه، لم يقدرْ أن يدفع عنها. وفي قوله: {يخلق ما يشاء} ردٌ عليهم حيث قالوا للنبي: فهات مثله من غير أب.
فإن قيل: فلم قال {ولله ملك السموات والأرض وما بينهما} ولم يقل: وما بينهن؟ فالجواب أن المعنى: وما بَين هذين النوعين من الأشياء، قاله ابن جرير.


قوله تعالى: {وقالت اليهود والنصارى} قال مقاتل: هم يهود المدينة، ونصارى نجران. وقال السدي: قالوا: إِن الله تعالى أوحى إِلى إِسرائيل: إِنَّ ولدك بكري من الولد، فأدخلهم النار فيكونون فيها أربعين يوماً حتى تطهّرهم، وتأكل خطاياهم، ثم ينادي منادٍ: أخرجوا كلَّ مختون من بني إِسرائيل. وقيل: إِنهم لما قالوا: المسيح ابن الله، كان معنى قولهم: {نحن أبناء الله} أي: منّا ابن الله. وفي قوله: {قل فلم يعذّبكم بذنوبكم} إِبطال لدعواهم، لأن الأب لا يعذّب ولده، والحبيبُ لا يُعذّبُ حبيبه وهم يقولون: إِن الله يعذبنا أربعين يَوماً بالنار.
وقيل: معنى الكلام: فلمَ عذّب منكم من مسخه قردةً وخنازير؟ وهم أصحاب السبت والمائِدة.
قوله تعالى: {بل أنتم بشر ممن خلق} أي: أنتم كسائِر بني آدم تُجازَوْن بالإِحسان والإِساءة. قال عطاء: يغفر لمن يشاء، وهم الموحدون، ويعذّب من يشاء، وهم المشركون.


قوله تعالى: {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا} سبب نزولها: أن معاذ بن جبل، وسعد بن عبادة، وعقبة بن وهب، قالوا: يا معشر اليهود اتقوا الله، والله إِنكم لتعلمون أنه رسول الله، كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه، وتصفونه بصفته.
فقال وهب بن يهوذا، ورافع: ما قلنا هذا لكم، وما أنزل الله بعد موسى من كتاب، ولا أرسل رسولاً بشيراً ولا نذيراً بعده، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس.
فأما الفترة فأصلها السكون، يقال: فتر الشيء يَفتر فتوراً: إِذا سكنت حدّته، وانقطع عما كان عليه، والطرف الفاتر: الذي ليس بحديد. والفتور: الضعف. وفي مدّة الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام أربعة أقوال.
أحدها: أنه كان بين عيسى ومحمد عليهم السلام ستمائة سنة، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال سلمان الفارسي، ومقاتل.
والثاني: خمسمائة سنة وستون سنة، قاله قتادة.
والثالث: أربع مائة وبضع وثلاثون سنة، قاله الضحاك.
والرابع: خمسمائة سنة وأربعون سنة، قاله ابن السائب. وقال أبو صالح عن ابن عباس {على فترة من الرُسل} أي: انقطاع منهم، قال: وكان بين ميلاد عيسى، وميلاد محمد صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وتسعة وتسعون سنة، وهي فترة. وكان بعد عيسى أربعة من الرسل، فذلك قوله: {إِذا أرسلنا إِليهم اثنين فكذبوهما فعزَّزنا بثالث} [يس: 14]. قال: والرابع لا أدري من هو. وكان بين تلك السنين مائة سنة، وأربع وثلاثون نبوّة وسائِرها فترة. قال أبو سليمان الدمشقي: والرابع والله أعلم خالد بن سنان الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نبيٌ ضيَّعه قومُه». قوله تعالى: {أن تقولوا} قال الفراء: كي لا تقولوا: ما جاءنا من بشير، مثل قوله: {يُبين الله لكم أن تضلوا} [النساء: 176]. وقال غيره: لئلا تقولوا، وقيل: كراهة أن تقولوا.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9